Translate this Blog

Arab to Chinese (Simplified) BETA Arab to English Arab to French Arab to Italian Arab to German Arab to Italian Arab to Japanese BETA Arab to Korean BETA Arab to Russian BETA Arab to Spanish

حول القرائة الاديولوجية


لاشك ان طريقة الكتابة لها اثر بليغ في نفس من يقرأ او يحاول ان يقرا ما نكتبه بغية ان يعرف من "نحن" .على اعتبار ان ما نكتبه قد يكون في الغالب تعبيراً عن هويتنا الفكرية , وحتى الاخلاقية ان كانت لنا اخلاق . ولكن قبل القراءة نفسها تتكون لدينا ما يمكن ان نسميه " معايير " نقيس بها قيمة ما نقرأه أو نحاول ان نعرفه ـ وهذه المعايير لها وجهان .
وجه ايديولوجي يحمل في دواخله " احكام مسبقة " على كل الأفكار المخالفة له شكلا ومنطقا .يكون مجموعة من القوانين التي تحلل له وتحرم ما يقرأ او ما لا يقرأ ضمن تلك المعايير التي تحدد من خلال الأيديولوجية التي يعتنقها او يؤمن بها . وهذا الأمر قد لا نختلف عليه ، ولكن الإختلاف هنا على اساس اننا دعاة حرية يكمن في فرض هذه الايديولوجية علينا او الزامنا في تتبع معاييرها او اخلاقياتها ـ فمثلا إذا كان المؤمن بالإسلام او الماركسية يقسم او ينظر الى الكلام ضمن نطاقيين ـ اخلاقي وغير اخلاقي ، فنحن غير ملزمين بهذه المعايير كوننا نعتبر الكلام اسلوب تعبير وتواصل للأفكار مهما كانت او ستكون ـ او مهما كان موضوعها او نوعية كلامها او كلماتها ، ان ما يهم هو معنى الكلمة وليس هل الكلمة اخلاقية او غير اخلاقية .فالاخلاق التي تروم محاكمة الفكر وطرق التعبير عن نفسه اي الكلمات تظل دوما تعبر عن وعي ضيق يعجز عن النظر الى الواقع و الإنسان بتجرد من قيمه الموروثة أي انه دوما ينظر الى الحياة من خلال ثنائية الحلال والحرام أو الصواب و الخطأ وبالتالي يصوغ تلك الأحكام ويطلقها على كل من يختلف معه وربما يصل الأمر الى قمع الأخر بتلك الحجة .
أذكر انني كتبت مقالاً عن السب والشتم الذي يسود مجتمعنا كطريقة للتعبير والتفكير السائد. مبرزاً تلك الشتائم الجنسية بنفس اللهجة التي تنطق بها مثل كلمة زب و طبون و الزامل و القحبة في مقالي محاولا ابرز الحمولة الجنسية لتلك الكلمات وما تعكسه من كبث في وعي من يستعملها ويعبر بها عن غضبه أو سخطه . فحين نشرته في" منتدى الحاد " قام المشرف بحذف تلك الكلمات بدعوى انها تخالف قوانين النشر او تحتوي على كلام بديء وهو ادعاء غبي ، فطالما ان تلك الكلمات جاءت ضمن سياق موضوعي تحمل دلالتها في داخلها متسقة مع الموضوع المطروح فبأي منطق نحاكمها او ندعي انها غير اخلاقية او تمس بمشاعر الأعضاء !!! مثل هذه المعايير التي تحاكم الكلمة هي ما نرفضه ، ولكن لا نرغم الآخر على رفضها مثلنا بقدرما ندعوه الى تفهمها او رفضها بدون حذفها او شطبها بأي معنى او قانون فحذف مقال أو كلمة في منتدى يرفع شعار حرية التعبير هو بحد ذاته قتل لتلك الحرية ومحو لكل قيمها وتكريس لثقافة الخوف والوصاية التي يزخر بها مجتمعنا القمعي عبر طرق ارهابه المتعددة ؛ وبالتالي تغدو كلمة "حرية تعبير" مستلبة وحبيسة تلك الثقافة التي نسعى الى تجاوزها أو اقتلاعها عبر كل الطرق والإمكانيات الفكرية والأدبية ـ فكل كتابة تحمل معها معناها حتى وان احتوت الشتم والسب والتحقير أو احتوت على نقد أو تعرية لواقعنا ولانسانيتنا ؛ ليس هدف الكتابة أن تكون أخلاقية او ذات اهداف بل يكفيها أن تكون فقط كتابة تعبر عن شيء ما مهما كان .. كما قال كلاود ليفي سترواش و هو متخصص في فقه البنيوية و السيرة الايكورولوجيا قد علمنا أن الحضارات ليس فيها المنحط و الراقي أو الجميل والقبيح والمباح والمحرم فكل تجمع انساني على شكل قبيلة و تواجده في بقعة معينة أو تراحله يعتبر بحد ذاته حضارة و قد تناول شيخنا هذا الدلالات الرمزية لحركات الرقص عند القبائل البدائية في استراليا فوجد أن لكن نوع كيفما كانت بدائيته حمولة دينية ميتافيزيقية و حمولة طبيعية غرائزية .

ليس المنوط منا أن نرضي جميع الأدواق بقدر ما يكون هدفنا في النهاية هو التعبير عن أنفسنا عبر كل الكلمات التي نستطيع من خلالها توصيل بعض الأفكار والمعاني بعيدا عن كل معيار أخلاقي أو أيديولوجي .

2- ام الوجه الثاني يكمن في المعايير الذاتية المتغيرة وفق تغيير ظروفنا الإجتماعية والإقتصادية وهي معايير في مجملها مرحلية تعكس نوعية تفكير ونمو وعينا حسب كل مرحلة . وتمنحا فرصة للنظر وتحررنا من كل حكم مسبق وتدفعنا باستمرار نحو التجرد قدر الإمكان و توسيع دائرة وعينا عبر تنمية ثقافة الأختلاف والتسامح في داخلنا و تقبل الأخر بكل ما يحمله من ثقافة و اسلوب حياة ..